responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 182
استهزءوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب.

[سورة الكهف (18) : الآيات 107 الى 108]
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً (107) خالِدِينَ فِيها لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (108)
يُخْبِرُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ السُّعَدَاءِ وهم الذين آمنوا بالله ورسوله، وصدقوا المرسلين فيما جاءوا به، أن لَهُمْ جَنَّاتِ الْفِرْدَوْسِ، قَالَ مُجَاهِدٌ: الْفِرْدَوْسُ هُوَ الْبُسْتَانُ بِالرُّومِيَّةِ. وَقَالَ كَعْبٌ وَالسُّدِّيُّ وَالضَّحَّاكُ: هُوَ الْبُسْتَانُ الَّذِي فِيهِ شَجَرُ الْأَعْنَابِ، وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ: الْفِرْدَوْسُ سُرَّةُ الْجَنَّةِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُهَا وَأَفْضَلُهَا، وَقَدْ رُوِيَ هَذَا مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةُ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سُمْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْفِرْدَوْسُ رَبْوَةُ الْجَنَّةِ أَوْسَطُهَا وَأَحْسَنُهَا» .
وَهَكَذَا رَوَاهُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنِ الْحَسَنِ عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا وَرُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ روى ذلك كله ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «إِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ الْجَنَّةَ، فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطُ الْجَنَّةِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ» [1] . وقوله تعالى:
نُزُلًا أي ضيافة، فإن النزل الضِّيَافَةُ. وَقَوْلُهُ خالِدِينَ فِيها أَيْ مُقِيمِينَ سَاكِنِينَ فِيهَا لَا يَظْعَنُونَ عَنْهَا أَبَدًا لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا أي لا يختارون عنها غَيْرَهَا وَلَا يُحِبُّونَ سِوَاهَا، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: [الطويل]
فَحَلَّتْ سُوَيْدَا القَلْبِ لَا أنَا بَاغيًا ... سِوَاهَا وَلَا عَنْ حُبِّهَا أَتَحَوَّلُ «2»
وَفِي قَوْلِهِ: لَا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا تَنْبِيهٌ عَلَى رَغْبَتِهِمْ فِيهَا وَحُبِّهِمْ لَهَا، مَعَ أَنَّهُ قَدْ يُتَوَهَّمُ فِيمَنْ هو مقيم في المكان دائما أنه قد يَسْأَمُهُ أَوْ يَمَلُّهُ، فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ مَعَ هَذَا الدَّوَامِ وَالْخُلُودِ السَّرْمَدِيِّ لَا يَخْتَارُونَ عَنْ مُقَامِهِمْ ذَلِكَ مُتَحَوَّلًا وَلَا انْتِقَالًا وَلَا ظَعْنًا وَلَا رحلة ولا بدلا.

[سورة الكهف (18) : آية 109]
قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109)
يَقُولُ تَعَالَى: قُلْ يَا مُحَمَّدُ لَوْ كَانَ مَاءُ الْبَحْرِ مِدَادًا للقلم الذي يكتب به كلمات الله وحكمه وآياته الدالة عليه، لنفد البحر قبل أن يفرغ كِتَابَةِ ذَلِكَ وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ أَيْ بِمِثْلِ الْبَحْرِ آخَرَ، ثُمَّ آخَرَ وَهَلُمَّ جَرًّا بُحُورٌ تَمُدُّهُ وَيُكْتَبُ بِهَا، لَمَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ

[1] أخرجه البخاري في التوحيد باب 22.
(2) يروى البيت:
وحلّت سواد القَلْبِ لَا أنَا بَاغيًا ... سِوَاهَا وَلَا عَنْ حبها متراخيا
والبيت للنابغة الجعدي في ديوانه ص 171، والأشباه والنظائر 8/ 110، وتخليص الشواهد ص 294، والجنى الداني ص 293، وخزانة الأدب 3/ 337، والدرر 2/ 114، وشرح الأشموني 1/ 125، وشرح التصريح 1/ 199، وشرح شواهد المغني 2/ 613، ومغني اللبيب 1/ 34، والمقاصد النحوية 2/ 141، وبلا نسبة في جواهر الأدب ص 247، وشرح ابن عقيل ص 159، وهمع الهوامع 1/ 125.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست